فصل: البحث الثاني هيئة العضلات التي بها انقباض الساعد وانبساطه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تشريح القانون (نسخة منقحة)



.البحث الثالث باقي عضلات هذا المفصل:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وخمس عضلات منشؤها من عظم الكتف عضلة منها.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
قد علمت أن عظم الكتف على ظهره عظم مثلث فإذا لم يمتل جانباه لحمًا ولم يختف بعظم الكتف لحم لم يمكن تسطح ظاهر البدن هناك مستحسنًا وكان نتوء الجلد يعده للتضرر بالملاقيات ولحم العضل أولى بذلك لأنه مع نفعه هذه المنفعة يفيد في تحريك العضد فلذلك خلق على هذا العظم خمس عضلات كبار ذوات أو تار عراض قوية كلها تلتحم بعظم العضد.
وهذه العضلات بعضها فيما بين العظم الدرقي المثلث والضلع العالي من عظم الكتف وبعضها فيما بين ذلك المثلث وبين الضلع السافل من عظم الكتف وبعضها في غير هذين الموضعين والأولى من هذه الخمس تنشأ من الضلع الأعلى من الكتف وتملأ ما بين هذا الضلع وبين المثلث الذي على ظهر الكتف وينفذ إلى الجزء الأعلى من رأس العضد وهو الرمانة الوحشية وهي الخارجة عن نقرة الكتف وتتصل بهذه الرمانة مائلة يسيرًا إلى الأنسي وهي تبعد العضد عن الصدر مع ميل إلى الأنسي لأنها إذا تشنجت جذبته إلى فوق وذلك لأن تشنجها يكون إلى ظهر الكتف وهو فوق العضد ومع ذلك تميله إلى الأنسي لأن جهته الموضع الذي يشغله لحمها هو بالنسبة إلى موضع اتصالها بالعضد أنسي.
والثانية من هذه الخمس تملأ ما بين العظم المثلث وبين الضلع الأسفل من أضلاع عظم الكتف.
وتتصل برأس العضد من الجانب الوحشي جدًّا فيبعده عن الصدر مع ميل إلى الوحشي إما بتبعيدها له عن الصدر فلأنها ترفعه إلى فوق ولأنها تتشنج إلى ظهر الكتف وهو أعلى من رأس العضد وإما تمييلها له إلى الوحشي فلأن الموضع الذي يشغله وحشي بالنسبة إلى رأس العضد وقد جعل الشيخ منشأ هذه من الضلع الأعلى من أضلاع الكتف.
والعضلة الثالثة من الخمس مشتبكة بهذه حتى يظن أنها جزء منها وهي تفعل هذه وقد جعل الشيخ منشأها من الضلع الأعلى من الكتف أيضًا وأظن أنه من الأجزاء العليا من الضلع المنخفض من أضلاع الكتف من دون نصفه ووترها يتصل بالأجزاء الوحشية بالحقيقة من عظم العضد فلذلك يكون تمييلها له إلى الوحشي أكبر وهي أصغر من الثانية.
والعضلة الرابعة من الخمس تحشو تقعير الكتف ووترها قوي عريض جدًّا.
والعضلة الخامسة تنشأ من الأجزاء السفلية من الضلع المنخفض من أضلاع الكتف وتلتحم بالعضلة العظيمة الصاعدة من الفقار الذي عند أضلاع الخلف التحامًا طويلًا وذلك في المواضيع الأنسية من العضد فهذه عضلات تحرك عظم العضد عند هذا المفصل وله عضلة أخرى ذات رأسين.
فيكون جملة عضله إحدى وعشرين عضلة سوى العضلة الصغيرة التي زادها بعضهم.
والله ولي التوفيق.

.الفصل السابع عشر تشريح عضل حركة الساعد:

والكلام في هذا الفصل يشتمل على ثلاثة مباحث:

.البحث الأول قول كليّ في العضل المحركة للساعد قبضًا وبسطًا:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
العضل المحركة للساعد.
إلى قوله فالباسطة زوج أحد فرديه.
الشرح:
قد علمت من كلامنا في العظام أن هذا المفصل له حركة انقباض وانبساط وحركة انكباب وانبطاح.
وهذه الحركات إرادية إنما تتم بالعضل فيجب أن يكون لهذا المفصل عضلات تحركه هذين النوعين من هذه الحركة ويجب أن تكون المحركة قبضًا وبسطًا موضوعة على العضد حتى يكون قبضها بجذب الساعد إلى مقاربته وبسطها بجذبه إلى مباعدة ويلزم ذلك أن يبقى منبسطًا.
ويجب أن يكون لكل واحدة من هاتين الحركتين عضلتان إذ لو كان لو احدة منهما عضلة واحدة لكانت تلك العضلة إما أن توضع في جانب من العضد أو في وسطه.
فإذا كان الأول كان انجذاب الساعد إلى جهة ذلك الجانب أكثر فلا يكون الانقباض أو الانبساط مستويًا.
وأيضًا يكون ثبات الساعد إلى جهة ذلك الجانب أكثر فلا يكون الانقباض أو الانبساط حينئذٍ على تلك الهيئة غير قوى.
إذ تلك العضلة لا تكون حينئذٍ مانعة من حركة الساعد إلى أحد الجانبين منعًا قويًّا.
فإذا كان الثاني كان ثبات الساعد حينئذٍ عند انقباضه أو انبساطه على هيئته ضعيفًا لأن الجذب المحاذي للوسط في القرب أو البعد غير شديد المنع للميل إلى أحد الجانبين فيجب أن يكون لكل حركة عضلتان ويجب أن يكون تحريك كل واحدة على توريب إذ المستقيم لا يمنع الميل إلى الجانبين منعًا قويًّا ويجب أن تكون الجهة التي إليها ميل توريب كل عضلة مضادة لجهة توريب نظيرتها فتكون إحدى القابضتين مثلًا تميل إلى الجانب الأنسي والأخرى تميل إلى الجانب الوحشي ليكون لكل واحد من الميلين مانعًا من الآخر متقاومان ويبقى الساعد حينئذٍ مستقيمًا في انقباضه وكذلك في انبساطه ويجب أن يكون وضع كل واحدة من هذه العضلات إلى جانب من العضد يكون ثبات الساعد على حاله في الانقباض والانبساط أقوى لأن تعثر الميل حينئذٍ إلى الجانبين أكبر ويجب أن تكون هذه العضلات كلها متصلة بعظام الساعد وإلا لم يمكن جذبه ويجب أن يكون اتصال كل واحد منها بالزند المخالف لجهتها ليتحقق الجذب المؤرب.
ويلزم ذلك أن يكون وضع كل واحدة منها مؤربًا عند طرفها الذي يلي الساعد ويجب أن تكون هذه العضلات الأربع بجملتها مجللة للعضد لئلا يبقى جزء غير مستور باللحم ولذلك يجب أن يكون على طول العضد وها هنا سؤال وهو أنه لقائل أن يقول: إن حركات هذا المفصل أكثر من حركات مفصل العضد مع الكتف إذ في أكثر الأمر يكون ذلك المفصل ساكنًا واليد متحركة وإذا كان كذلك وجب أن تكون عضلات هذا المفصل أكثر عددًا من عضلات مفصل العضد مع الكتف ولا أقل أن تكون مساوية لها.
وجوابه: أن الأمر ليس كذلك.
وذلك لأمرين: أحدهما: أن العضلات إما أن يلزم أن تكون متكثرة بتكثير الحركات إذا كانت تلك الحركات متكثرة بالنوع وأما إذا كانت متكثرة بالوجود فقط لم يلزم ذلك إذ قد تكون بعضلات قليلة العدد شديدة القوة وهذا المفصل وإن كانت حركاته توجد أكثر من حركات مفصل العضد مع الكتف فأنواعها أقل لأن العضد له أن يتحرك إلى كل واحدة من الجهات التي تعرض على محيط نقرة الكتف ولا كذلك ها هنا.
وثانيهما: أن مفصل العضد مع الكتف احتيج أن يكون عنده لحم كثير ليفي يستر عظم الكتف وحشو الخلل الواقع بين المثلث على ظهره وبين كل واحد من الضلعين الجنبيين وذلك لئلا يبقى تسطيح الظهر مختلًا وأولى اللحم بذلك لحم العضل لأنه مع نقصه في ذلك ينفع في حركة العضد بحسن وجاز أن يكون العضل هناك كثيرًا ولا كذلك ها هنا فإن هذا العضل لو كان ها هنا كثيرًا لثقل العضد وغلظ جدًّا فكان تحريكه عسرًا والله أعلم.

.البحث الثاني هيئة العضلات التي بها انقباض الساعد وانبساطه:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
فالباسطة زوج أحد فرديه.
إلى قوله: وأما الباطحة للساعد.
الشرح:
أما الزوج القابض فيجب أن يكون موضوعًا على مقدم العضد.
ليكون جذبه للساعد إلى ملاقاته فيكون ذلك الانجذاب أسهل ويجب أن يكون أحد فرديه آخذًا من أنسي مقدم العضد إلى الزند الأعلى كما قلناه.
ويكون الآخر آخذًا من وحشي ومقدمه إلى الزند الأسفل وذلك ليكون الجذب مؤربًا كما أو حيناه ويجب أن يكون الموضوع على الأنسي أعظم وأقوى لأن الحاجة إلى ميله إلى الوحشي لأن اليدين عند الانقباض المائل إلى الأنسي يكون إحداهما مقبلة على الأخرى وذلك أحسن أو ضاعهما في التعاون على تحريك الشيء الواحد.
وهذه الكثيرة القابضة تشاهد محتوية على مقدم العضد ويبتدئ أو لًا: من الزيق العالي من زاوية الكتف ومن الزائدة الشبيهة بالمنقار واتصالها بالزيق برباط قوي مستدير واتصالها بالزوائد الشبيهة بالمنقار برباط دقيق شديد الاستدارة ثم تكثر فيها الأجزاء اللحمية وتماس العضد إلى نصفه ثم تعلو على الفرد الآخر راكبة عليه فإذا بلغت المرفق اتصلت بالزند الأعلى فإذا تشنجت جذبت ذلك الزند إلى مقاربة أنسي مقدم العضد.
ويلزم ذلك أن يكون ذلك الانقباض مؤربًا إلى الأنسي وأما العضلة الأخرى فتبتدأ من العضد وحده لأن جذب الأولى لما احتيج فيه أن تكون أقوى كانت محتاجة إلى ما تستند إليه من العظام أكثر وابتداؤها من خلف رأس العضد.
ومن هناك تمتد في الجانب الوحشي وتصير بتأريب إلى قدام وتلتحم بالزند الأسفل آخذة تحت العضلة الكبيرة وإنما كان كذلك لأن هذه لو جعلت من فوق لكانت معرضة للانقطاع والتضرر عن المصادمات مع صغرها ولأن وضع الزند الأعلى أرفع فيكون ارتفاع المتصل به أولى.
وأما الزوج الباسط فأحد فرديه يبتدئ من تحت مقدم رأس العضد ويبتدئ الآخر من الضلع المنخفض من أضلاع الكتف من منتصفه ثم يتحدان حتى قد يظن أنها عضلة واحدة وباقي هذا الزوج كما قلناه في الزوج الأول.
قوله: من الزيق الأسفل من الكتف الظاهر أن هذا وقع غلطًا من النساخ والصواب أن يقال من الزيق الأعلى لأن ذلك هو المحاذي لمقدم العضو. والله ولي التوفيق.

.البحث الثالث هيئة العضلات التي بها انبطاح الساعد وانكبابه:

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه:
وأما الباطحة للساعد فزوج.
إلى آخر الفصل.
الشرح:
أما العضلة الطويلة الرقيقة المتصلة بالعضد فإيجابها لحركة الانبطاح فظاهر وذلك لأن هذه تبتدئ من الجزء الأعلى من رأس العضد أعني الرأس الذي عند المرفق بما يلي ظاهر العضد ويمتد إلى حد تقارب الرسغ وهناك يتصل بالجزء الباطن من الزند الأعلى ولا شك أن البعد المؤرب أطول من المستقيم.
فإذا تشنجت هذه العضلة قصرت فلم تف بالتوريب واضطرت إلى أن تكون مستقيمة وإنما يمكن ذلك بأن يصير الجزء الذي ينتهي إليه من الزند الأعلى مسامتًا للجزء الذي يبتدئ منه من رأس العضد وإنما يمكن ذلك بأن تتسطح اليد على ظهرها حتى يصير باطن الكف عند بسطه متجهًا إلى فوق وإنما أمكن ذلك بسبب اتصال هذه العضلة بالعضد واتصال الساعد عنه بمفصل يتمكن أحد عظميه من الآخر دون الآخر وهو المرفق حتى يتمكن عند تشنجها تحريك الساعد إلى تلك الهيئة.
فلذلك العضلة الأخرى لم يكن لها اتصال بالعضد لم يمكن أن تكون فاعلة لهذه الحركة لأن تشنجها حينئذ إنما تلزمه قوة ارتباط الزند العالي بالسافل وشدة التلازم بينهما.
ولا تلزمه هذه الحركة البتة إذ ليس لأحد الزندين أن يتحرك وحده البتة.
فلذلك إذا لم يكن لهذه العضلة اتصال بالعضد فإنما يكون لها فائدة إلا أنها تشد الارتباط بين الزندين فقط وإذا عرفت هذا في العضل الباطحة فالأمر في العضل المكبة كما في هذا بعينه فإن العضلة القصيرة إذا لم يكن لها اتصال بالعضد لم يكن لها فعل في الكتف البتة بل ليكون فعلها موثق ارتباط أحد الزندين من الجهة المقابلة للجهة المذكورة مع الباطحة.